عزيزي القارئ؛ احترت كثيراً كيف لي أن أسطّر حروف كلماتي لك حتى تصلك الصورة كاملة في مثل هذا الموضوع والذي أراه كأنه النار في الهشيم، نعم إنه كالنار يأكل الأخضر واليابس، الكبير قبل الصغير، يأكل كل ما لدى البعض دون أن يشعر، إنه كالسحر أصبح على البعض، ولكن المصيبة ليس هناك من يتصدى له بالشكل الكافي، أأصبح الوضع عادي عند البعض إلى هذه الدرجة؟ أم أن الموضوع بنظرهم ليس خطراً إلى هذه الدرجة التي أراها أنا؟
أثّر على الصحة والعقول والأجساد والنفسيات، يأخذ الوقت الكثير ويدمر العقول ويسبب الأمراض المفاجئة ناهيك عن المال الذي يأخذه من الشخص بلمح البصر، إليك عزيزي القارئ أضرارها قبل أن أقول لك ما هو هذا الخطر القادم، يمكن أن يؤثر إدمانها بشكلٍ سلبي على صحة المدمنين عليها؛ وتحديداً الأطفال منهم، حيث يُفضل الطفل أن يقضي وقته فيه بدلاً من الأكل أو النوم، بالإضافة إلى الكسل والخمول لدى الأطفال الذين قد يقضون أكثر من ساعتين من وقتهم فيه أو مشاهدة التلفاز، وهذا يؤدي إلى السمنة في مرحلةٍ عمريةٍ مبكرة.
تشير دراسة في جامعة تكساس في دالاس إلى أن الإدمان قد يؤدي إلى عدّة مشاكل صحية مثل:
- آلام الظهر، والصداع، وإجهاد العينين، والألم والخدر في المعاصم واليدين والكتفين والمرفقين.
- أضف عليها عندما تكون فيها من العنف فهي ضارة على الإنسان، وذلك لوجود مشاهد القتل البشعة والدموية فيها، بالإضافة إلى العنف والطريقة التي تُقدم فيها النساء والأطفال فيها.
- بعض الآثار السلبية التي من الممكن أن تصيب هذا المدمن وهي العزلة الاجتماعية، فقضاء الكثير من الوقت فيها قد يؤدي إلى تعزيز العزلة الاجتماعية لدى الشخص، وذلك لأنه غالباً ما يتم تأديتها بشكلٍ منفرد أو جماعي.
- السلوك العدواني، تؤثر مشاهدة الأمور العنيفة والعدوانية على سلوك الشخص بشكلٍ سلبي.
- الصورة السلبية للنساء غالباً ما تُصوِّر النساء بطريقةٍ غير ملائمة لهنّ.
- الخلط بين الواقع والخيال بشكل قد يُعرّض مدمنيها لخللٍ في التفريق بين الواقع والخيال.
بالتأكيد الآن أصبحت الصورة واضحة لديك، إنها لعبة Fortnite “الفورتنايت” وأختها PUBG “الببجي” أصبحت الألعاب الإلكترونية مصيبة على الإنسان، أخذت من صحته ووقته وماله، وبعضهم للأسف حتى دينه سواء شعر أو لم يشعر، تجد تصرفات الأطفال وحركاتهم متوافقة على تلك اللعبة وغيرها، وهذا أكبر دليل على تأثير الألعاب، ولكن السؤال أين العقول الواعية والحريصة على أبنائها؟
أين العقول في بعض الشباب والفتيات والأزواج ممن وصل بهم الحال إلى إدمان تلك اللعبة أو غيرها، وصل الحد ببعضهم أن يقضي قرابة الخمس ساعات يلعبها، والمصيبة أنها قبل النوم، فتجد تأثيرها يُخزّن في العقل وهو لا يشعر، نرى حركات الأطفال تطبّق ذات الحركات الموجودة في تلك الألعاب، ربما يقول البعض حركات وليس فيها ما يدعو للقلق، أقول لك نعم ولكن أتعلم تأثير تلك الألعاب على العقل والصحة والمال؟ ماذا سيكون جوابك؟
للأسف أن تلك الألعاب سيطرت على عقول بعض الشباب بشكلٍ رهيبٍ جداً حتى أنه أصبح البعض منهم لا يحترم والديه، وصوته أصبح يعلو على أهله، أصبح جلوسه فقط أمام تلك الشاشة مع اللعبة وعالمه الخاص أكثر من أسرته ودروسه، ناهيك عمن سوف يتعرف عليهم خلال هذه اللعبة إن كانوا أصحاب سوء، فليس البشر واحد، الحذر واجب في هذا الزمن، فالمغريات كثيرة والتحديات أكبر مما كنا عليه سابقاً، أليس أصبح الزمن ومتغيراته سريعة جداً؟ ما كنا نريده نذهب إليه عنوةً ومكلف جداً في بعض الأحيان، والآن بضغطة زر يكون ما طلبت بين يديك، وهذا يعطيك دلالة على أن الحذر واجب والاحتياط مما حولك وحول أسرتك من الأشياء المهمة جداً.
إياك أن تترك الحبل على الغارب وبعدها تأتي بعد فوات الأوان تبحث عن حلٍ للمشكلة التي وقع بها ابنك أو ابنتك لا قدر الله، فلا أحد معصوم، الانتباه والرعاية والاهتمام أمر رباني وتوجيه نبوي، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
فهذا أكبر دليل على أن الوالدين هم المسئولون أمام الله عن أبنائهم والمحاسبون على التقصير، ولكن البعض للأسف عذره أنه لم يتمكّن من السيطرة عليهم، أصبحوا كباراً وهم في المرحلة المتوسطة أو الثانوية، ولكن مهما بلغ عمر الأبناء تظل المسئولية على الوالدين حتى يتزوج الابن والبنت، وبعدها يصبح دور الوالدان تقديم الدعم والنصيحة والتوجيه عند الحاجة.
أتمنى أن تكون هناك جهود كبيرة من الجهات ذات الاختصاص في أن تتولى مسئولية توعية المجتمع في أضرار تلك الألعاب وغيرها، ربما تكون هناك جهود ولكنها ليست كافية، فعلى التعليم الدور الأكبر، وأئمة المساجد، والخطباء والدعاة، وأصحاب الفكر والعلم، والجهات الأمنية، وجهات الرقابة والتجارة دور كبير في محاربة ما يضر المجتمع وأفراده، فهؤلاء الأبناء والبنات هم لبِنات الوطن وهم بعد الله السند وقادة المستقبل فنحن بأمس الحاجة لهم وهم بكامل قواهم العقلية والصحية والجسدية.
ختاماً أقول لكل مستخدم لهذه اللعبة وغيرها، ارحم نفسك وترفّق بها فأنت المسئول أمام الله عنها، فما أصابها ستكون أنت الخاسر الأكبر فيه، فكّر بعقلك واسأل نفسك إلى متى أضيع وقتي ومالي وصحتي على مثل هذه اللعبة وغيرها دون أي فائدةٍ تذكر؟! اسأل الله الهداية للجميع وأن يحفظ شبابنا وبناتنا من كل مكروهٍ ومصيبةٍ وأذى